التغذية: مكافحة أزمة الجوع
في سوريا، يعاني حالياً أكثر من 12.1 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، أي أكثر من 50% من سكان البلاد. ومع تراجع المساعدات الدولية، من المتوقع أن يواجه 2.9 مليون شخص آخر خطر الجوع هذا العام، مما قد يرفع نسبة السكان الذين يعجزون عن توفير لقمة العيش لعائلاتهم إلى 70%.
أسعار المواد الغذائية والأدوية تشهد ارتفاعاً حاداً، وأصبحت العائلات غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية. يؤدي نقص الغذاء أحياناً إلى عواقب قد تكون غير قابلة للعلاج، مثل حالات العمى الناتجة عن نقص فيتامين أ، تأخر النمو، الإعاقات البدنية، وفيات الأطفال… تشكل أخطار سوء التغذية تهديداً كبيراً، خاصة للرضع والأطفال، بالإضافة إلى النساء الحوامل والمرضعات.
منذ عام 2015، طورت مهــاد برنامجاً لمكافحة سوء التغذية، وذلك في إطار جهودها لمكافحة الجوع. بالتعاون مع منظمة يونيسف ومنظمة الصحة العالمية، عملنا على وضع بروتوكولات لتدريب مقدمي الرعاية في مجال الوقاية والكشف والعلاج من نقص التغذية وسوء التغذية.
كيف تساهم مهــاد في مكافحة الجوع؟
التوعية والكشف
مكافحة الجوع تبدأ أولاً بالوقاية من الأزمات من خلال الكشف المبكر. لذلك، يقوم العاملون الصحيون المحليون بزيارة المجتمعات المحلية للتوعية بمخاطر سوء التغذية، خاصة لدى النساء الحوامل أو المرضعات، وللكشف عنها في مراحل مبكرة. في هذا السياق، يستخدمون شريط قياس محيط منتصف الذراع (MUAC) لقياس محيط الجزء العلوي من الذراع الأيسر، وهو أداة فعالة للكشف عن سوء التغذية.
متابعة طبية ورعاية صحية
يتم التكفل الفوري بكل طفل وامرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية بناءً على التشخيص. تُقدم المتابعة الطبية بشكل منتظم على مدار أسابيع عديدة. كجزء أساسي من العلاج، يتم استخدام “Plumpy’nut“ أو “Plumpy’soup“، حسب درجة سوء التغذية الشديدة أو الحادة، وهما نوعان من معجون الفول السوداني ذو القيمة الطاقوية والبروتينية العالية، ويتم إعطاؤهما بانتظام لضمان استعادة الصحة.
تدريب الفرق الطبية
يتم تدريب جميع مقدمي الرعاية الصحية على بروتوكولات علاج سوء التغذية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة يونيسف، والتي تعتمد على أربعة محاور رئيسية في برنامجنا IYCF ، MUAC، NSCD، CNAM بفضل هذه التدريبات، تم تثبيت هذه البروتوكولات وتطبيقها في جميع أنحاء سوريا لضمان تقديم رعاية صحية فعالة للمحتاجين.
هاجر، طفل نجا من مخاطر سوء التغذية
أحضر والدان طفلهما الصغير إلى عيادتنا بعد ملاحظتهما فقداناً واضحًا في وزنه وفقداناً للشهية. قمنا بقياس محيط منتصف ذراعه الذي بلغ 111 ملم، مما أكد إصابته بسوء تغذية حاد. كما كان الطفل يعاني من الإسهال الناتج عن التهاب في الأمعاء، الأمر الذي استدعى تدخلاً طبياً متخصصاً لتقديم العلاج المناسب.
بعد إجراء التقييم اللازم، قمنا باختبار شهيته وقدمنا لعائلته حصة من المكملات الغذائية العلاجية “Plumpy’Nut“، إلى جانب شرح مفصل حول كيفية استخدامها لضمان الفائدة القصوى.
تم تحديد موعد للمتابعة بعد أسبوع، وأظهرت النتائج تحسناً كبيراً في حالة الطفل الصحية مع زيادة ملحوظة في وزنه. ونظراً لصعوبة تنقل الأسرة، قام فريقنا الصحي المجتمعي بزيارات منزلية منتظمة لتقديم الرعاية اللازمة حتى اكتمال شفائه. في الزيارة الأخيرة، بلغ محيط عضد الطفل 135 ملم، مما أكد نجاح العلاج ونهجنا المتكامل في مكافحة سوء التغذية.
عبر الوالدان عن فرحتهما الغامرة بتعافي طفلهما، وأعربا عن امتنانهما الكبير للدعم والرعاية التي ساعدت في تحسين حياة طفلهما وسلامة عائلتهما.